حول الـمـــشـــــــروع

مدينة السلام

مدينة السلام (بيت لحم)، التي انطلقت للعالم تنشر المحبة، وتستقبل حجاجها على مدار العام، فجأة غلب عليها صمت كبير، فهي أولى المناطق في فلسطين التي ينتشر فيها وباء "كوفيد ١٩"، الذي حوّل المدينة إلى شوارع وحياة خاوية، وأغلقت الحياة أبوابها في المدينة ومخيماتها وقراها، وتحولت الحياة فيها كباقي دول العالم، إلى حالة مراقبة ومتابعة، وبينما الوباء يشتد يوماً بعد يوم، أصبحت الحياة تنحصر بين فكرة الموت والحياة، الموت الذي يفتك بالشباب والشيوخ فتغمض أعينهم لينطفئ اللون، ويصبح الأسود هو سيد الرمز، وبين الأبيض الملائكي، والطواقم الطبية، والمرضى، والمعافين.

يتمثل عمل "مدينة السلام" بمقاربة بين واقع المدينة السياسي التي تعاني من الحصار والاحتلال والجدار، وقوة الحياة في مواجهة كل هذه الظروف، وبين واقع المرض الذي شكّل مأساةً أخرى للمدينة وسكانها، فانهزمت الحياة أمام الموت الذي أصبح يومياً يفتك بالبشرية، وتعرض أعداد كبيرة من الناس للإصابة بفيروس كورونا.

حيثيات المشروع

انطلق المشروع عبر مسار بحثي، قائم على التوثيق تبعاً للتطورات الوبائية، وتأثيرها على المدينة، بحيث أصبحت رهينة للحدث والعدد وانتشار الوباء، فتارةً تفتح المدينة أبوابها بحذر، وتارةً تغلق أبوابها في وجه الحياة ويعم الصمت في ليلة وضحاها. ما شكّل حالة من التوتر والضجر والاحتجاج واختلاق العديد من وجهات النظر حول الموضوع، وأهمها أن عدداً من الناس لم يؤمن بوجود الوباء واعتبره حدثاً سياسياً، وتهويل لمرض غير موجود.

مدينة بيت لحم من أولى المناطق التي انتشر فيها المرض في فلسطين، بحيث أصبحت المدينة هاجساً وحدثاً يتابعه الجميع ومن مناطق مختلفة، وتحول سكانها لأشخاص" يُحذر منهم"، خوفاً من نقلهم للمرض في البداية، إلى أن أصبح هناك تغيير في القناعات والآراء بناءً على النتائج.

مجموعة الصور المقدمة، تسعى إلى تمثيل الواقع الوبائي، والمقاربة بينه وبين الواقع السياسي في المدينة، بحيث لم يعد هناك فرق بين الوباء وبين المحتل الذي يشكّل عدواً علينا مواجهته والانتصار عليه.

حول الـفنـــــــــــــان

منذر جوابرة

مواليد مخيم العروب العام 1976، ويعيش في بيت لحم. يقدم قراءات متعددة لعمله الفني، لا سيما في المرحلة الأخيرة من نظرته حول مفهوم الهدم والبناء، وذلك عبر تحويله أعماله الفنية الأصلية ما بين الأعوام 1998-2018 بإعادة تمزيقها وقصقصتها وبنائها في عمل فني يفكك من خلاله البعد العاطفي والرمزي المرتبط باللحظة والزمن عبر الأعمال القديمة، وتقديمها كعمل تجريبي بتحويل الأعمال القديمة لخامة يُعاد بنائها اعتماداً على بنيتها الفكرية، والطاقة الكامنة في الأعمال المشرّحة السابقة.

شارك جوابرة في العديد من الإقامات الفنية حول العالم، مثل مدينة الفنانين بباريس، ودار الفنون-المغرب، وفضاء صديقة-تونس، التي عملت على تحولات ملهمة في مشواره الفني لتوظيفه تقنيات متعددة في الأعمال التركيبية والوسائط المتعددة، لا سيما الأعمال الأدائية بتوظيف طاقة الجسد بالتعبير عن القضايا الإنسانية والسياسية.

مشاركة جوابرة في فيلم "اصطياد الأشباح"، من أهم المحطات في أعماله، حيث لوحظ التطور التقني وما تحمله من معاناة في تنفيذها من حيث الوقت، وحساسية العمل التي يحتدّ فيها التناقض ما بين الشحنة العاطفية العالية والعنف الناتج عن المواد التي يستعملها في عمله الفني.

أقام جوابرة العديد من المعارض الشخصية حول العالم: فلسطين وألمانيا والمغرب ولبنان وتونس والأردن، إلى جانب العديد من المعارض الجماعية في أكثر من عشرين دولة، كما حصل على جائزتين دوليتين من بينها جائزة بينالي دكا الآسيوي في العام 2018 عن عمله علوّ.